يشكل التوسع بنظام الامتياز التجاري حلمًا مغريًا للعديد من العلامات التجارية، حيث يدفعها الطموح المالي والرغبة في اقتناص الفرص السريعة إلى الانتشار في أسواق جديدة، غير أن هذا التوسع، عندما يتم بشكل ارتجالي يفتقر إلى استراتيجية واضحة، قد يتحول إلى عبء يهدد استدامة العلامة ويضعف قدرتها التنافسية.
وغالبًا ما تتجاهل بعض الشركات أهمية التحليل الدقيق للأسواق المستهدفة، واختيار الممنوحين المؤهلين ماليًا وإداريًا وتشغيليًا، مكتفية بالاندفاع وراء الأرقام. والنتيجة شبكة واسعة من وحدات الامتياز، لكن هذه تحتاج إلى وقت طويل وجهود متواصلة حتى تثبت نجاحها التشغيلي والمالي.
وهنا يظهر الخلل؛ إذ يؤدي هذا التسرع إلى تفاوت في جودة المنتجات والخدمات من سوق إلى آخر، ويضعف سمعة العلامة التجارية، لتجد نفسها أمام تحدٍ صعب في تحقيق التنمية المستدامة.
ومن جهة أخرى، قد يلجأ بعض مانحي الامتياز إلى التوسع العالمي بهدف رفع قيمة العلامة التجارية تمهيدًا للبيع أو الطرح العام الأولي، حيث قد تعزز عقود الامتياز الموقعة في دول جديدة الصورة التسويقية للعلامة، وتجذب المستثمرين الباحثين عن عوائد سريعة، غير أن هذا التوسع قد يكون غير مجدٍ ماليًا على المدى القصير، بل يتطلب سنوات قبل أن تتحول الأسواق الجديدة إلى مصدر ربحٍ فعلي لكل الأطراف.
إن النجاح في الامتياز التجاري لا يُقاس بعدد الفروع أو سرعة الانتشار وحدها، بل يرتبط بقدرة العلامة على بناءِ نموذج عمل قابل للتكرار ومُثبَت ربحيته، فالعلاماتُ التجارية الرائدة تدرك أن وراء الأرقام تكمن القِيم الحقيقية لإدارة الأعمال مثل: استخدام التكنولوجيا المتقدمة لجمع البيانات وتحليلها بهدف تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقديم منتجات وخدمات متنوعة، وبناء علاقات قوية مع العملاء والممنوحين والمستثمرين، وهذه المنهجية الاستراتيجية تجعل التوسع مدفوعًا بالتطوير المستمر، لا بالسباق الكمي الذي يركز فقط على زيادة عدد الفروع دون ضمان الجودة واستدامة النجاح.
والخلاصة أن التوسع بالامتياز التجاري فرصة استراتيجية كبرى، لكنه ليس سباقًا على الأرقام.
النجاح الحقيقي يكمن في الجمع بين الطموح والحذر، وبين الرؤية بعيدة المدى والقدرة على التنفيذ المتوازن. فالعلامات التي تختار طريق التنمية المتوازنة المستندة إلى الجودة والابتكار والثقة، هي التي تضمن لنفسها مكانة راسخة في عالم الامتياز وتحقق عوائد تتجاوز التوقعات.